الانحياز المعرفي :الحكم على ظاهرالأشياء

نتطرّق لموضوع شيّق يخص كل شخص إنّه من ميدان علم الإجتماع

وهو الحكم على الأشخاص من خلال المظهركلنا أو الغالبيه ننحاز للشخص الطويل عن القصير و للوسيم عن القبيح

وللرشيق على البدين و و و الكثير

إنه الانحياز المعرفي: هو الحالات أو المواقف التي نخطئ فيها في الحكم على الأشياء أو نتخذ قرارات غير منطقية

بشكل أقل عقلانية.

وهذا يمكن أن يأخذ أشكالا أوسع بما أنه يمكن التأثير به والتلاعب باستخدامه أيضاً

ولنتصدى لهذه الانحيازات المعرفية التي قد تفسد طريقتنا في التفكير

علينا أولا أن ندركها ونفهمها

ومن هنا أتت فكرة إنشاء سلسلة المقاطع هذه :

وأول انحياز معرفي سنتحدث عنه اليوم هو: تأثير الهالة

تأثير الهالة هو نسب صفات لشخص استنادا فقط على مظهره

في الواقع أتى هذا المصطلح من الهالات التي رُسمت خاصة فوق القديسينفي العصور الوسطى

إذا هل تريدون مثالا بسيطا على تأثير الهالة؟

حسنا، رؤساء الولايات المتحدة من أول القرن العشرين

 أطوالهم كلهم تقريبا أطول من متر و80 سم ,متوسط أطوالهم هو 1 م و 83 سم

يبدو هذا مفاجئا حين نعرف أن متوسط طول الرجال في الولايات المتحدة هو 1م و75 سم

سبب هذا هو العامة من الناس. بمعنى آخر هؤلاء الذين يصوتون للرؤساء

يبدو أنهم يفضلون المرشحين ذوي الأجساد الأطول

من المحتمل أنهم يظنون أن كبر حجم الجسد يجعل الشخص أقوى، يجعله قائدا

مع أنه قبل كل شيء لا علاقة للحجم بالقدرة على إدارة الدولة

وللأسف، ليس هذا الاختلاف فقط عند رؤساء الولايات المتحدة

ولكن حتى لدينا نحن في حياتنا العادية، في بيئة العمل

في دراسة نُشرت عام 2004 استنتج باحثون درسوا 8500 حالة

أن الأشخاص الطوال عادة رواتبهم أعلى من الأشخاص القصار.

تأثير الطول ليس مزحة. فهم متساوون في كل شيء لكن في الدخل السنوي يؤخذ 300 دولار للسنتيمتر

مما يعني أن لكل 20 سم في فرق الطول، فرق في الدخل السنوي بحوالي 6000 دولار

نعرف أنكم قد تتشككون في هذا، لكن ليس الطول وحده من يجعلنا نخطئ بالحكم على الأشخاص

هناك أيضا الجاذبية الجسدية

ولدراسة هذا النوع من الظواهر

فالمصدر الأكثر إثارة لتوفير المعلومات حول هذا الأمر هو الموقع الأمريكي OkCupid

هذا الموقع هو موقع تعارف على الانترنت،

وصادف أن أحد مؤسسي هذا الموقع والذي يدعى (كريستيان رادر) هو شخص مولع بالإحصائيات

ولذلك فقد استمتع باستخدام الحجم الهائل من البيانات الذي لديه ليفهم

كيف يتصرف الناس حيال أمور التعارف

وإذا، في أحد فترات الموقع كان يمكننا رؤية ملف الشخص

والذي يتكون من الصورة الشخصية ونص وصفي

ويمكننا أن نضع تقييما لأمرين

الأول هو شكل الشخص والثاني هو الشخصية. كل التقييمات تتبع درجات من 1 إلى 5

مبدئيا، يبدو لنا أن الأمران مختلفين تماما (الشكل والشخصية)

نحن نتوقع أن الشكل سيتم تقييمه حسب الصورة، وأن الشخصية سيتم تقييمها حسب النص

حسنا.. لننظر إلى الإحصائيات

في هذا الرسم البياني، كل نقطة تمثل شخصا له حساب على موقع أوكي-كيوبيد

الإحداثي السيني (الأفقي) يوضح متوسط النقاط التي حصل عليها الشخص بناء على شكله

ويمثل الإحداثي الصادي (الرأسي) تقييمه حسب شخصيته

ومما نراه، فالاثنان مترابطان جدا

هذا يعني أن الأشخاص الذين حصلوا على نقاط قليلة لشكلهم حصلوا أيضا على نقاط قليلة لشخصيتهم

وبالعكس، فالأشخاص الذين حصلوا على نقاط عالية لشكلهم كانت نقاطهم عالية لشخصيتهم

ممتع صحيح؟!

لذا حين نرى ارتباطا كهذا، علينا توخي الحذر.

 يمكننا أن نتخيل أن النص الوصفي هو الذي أثر على الحصول على النقاط للشكل

سيكون هذا لطيفا أليس كذلك؟

ومثل أصحاب أوكي-كيوبيد، هناك أشخاص جادون بشأن النظريات الإحصائية قرروا إجراء تجربة محكمة

ليروا ما العلاقة التي تربط بين تقييمنا لشكل الشخص وشخصيته

وبشكل ساخر، أنشؤوا عددا معينا من الحسابات وجعلوها تظهر عشوائيا بالنص وبدون النص

أي أن نصف الزوار الذي يرون هذه الصفحات سيرونها بشكل طبيعي (صورة ونص)

بينما النصف الآخر سيرى نفس الملف فقط بالصورة، بلا نصّ

بينما استمتعوا هم بالمقارنة بين النقاط التي حصلت عليها هذه الصفحات في الحالتين بالنص وبدون النص

وفي هذا الرسم البياني كل نقطة تمثل حسابا، الإحداثي الأفقي يمثل النقاط للملف الذي يظهر فقط الصورة

والإحداثي الرأسي يمثل النقاط للملف الذي يحتوي على الصورة والنص معا

ومن جديد، نرى أن هناك ارتباطا جيدا بينهما

هذه النتيجة تعني أنهم سيقيّمون شخصيتك بنفس الطريقة تقريبا، سواء كتبت نصًا عنك أو لا

وهذا يعني أن الصورة تلعب الدور الأكبر، هذا مانسميه إذا: تأثير الهالة

لو كنت مهتما بهذا النوع من الإحصائيات أرشح لك مدونة OkCupid التي تحتوي على الكثير من البيانات من هذا النوع

وخصوصا العلاقة بين الدرجات التي قد تحصل عليها، والعلاقة بين عدد الرسائل

التي تصلك والصورة التي وضعتها لنفسك. حقا هذا مثير للاهتمام جدًا

وإذا لم تكن تثق بأوكي-كيوبيد كمصدر للمعلومة، اطمئن، هناك الكثير من البحوث الإحصائية المنشورة التي تناولت

الموضوع بالدراسة وبحثت في علاقة الهالة بشكل الإنسان. سنستعرض الآن شيئا منها

الدراسة الأساسية التي تناولت الموضوع، انتهت في السبيعنات ويمكنك أن ترى أن النتائج تشبه جدا الذي رأيناه قبل قليل

استندت التجربة على عرض صور متعددة لمجموعات من الأشخاص

ثم يُسألون عن رأيهم بشخصية الأشخاص في الصور

وفقط برؤيتهم للصور، قيّم الأشخاص الناس الذين في الصور على عدة أصعدة: مصداقيتهم تواضعهم، لطافتهم

إيثارهم للآخرين، جدّيتهم، رحمتهم بالآخرين... وهذا النوع من المعايير

كان هناك 27 معيارًا للتقييم

ثم قارن الباحثون الدرجات التي حصل عليها الشخص في هذه المعايير، مع الاعتبار بجاذبيته الجسدية حسب الصور

ونعم، لا شيء مفاجئ، وجدوا أن الدرجات التي حصل عليها الشخص الذي يعتبر جسديُا جذابًا

أفضل من درجات الشخص الذي يعد أقل جاذبية

وهنا أيضا كان الحكم على الشخصية والانحياز المعرفي لتأثير الهالة مترابطان. وهذا قد يسبب نتائج ليست بسيطة

باحثٌ من جامعة تورنتو أراد أن يدرس إلى أي مدى يمكن لشكل الإنسان أن يؤثر على حكمنا عليه في قضية ما

ولهذا أجرى دراسة تدور حول تقرير ما إذا الشخص مذنبا، استنادا على كتابة التُهم التي عليه

مرفقة بصورة لهذا الشخص المتهم

وبالطبع كانت التجربة بوضع نفس التهم لكل المتهمين ولكن بتغيير صورة المتهم كل مرة

والأشخاص الذين سيخضعون للتجربة يجب عليهم تقرير كون الشخص مذنبًا أم بريئا حسب المعيار من 0 إلى 5

بالطبع 0 تعني بريء تماما و 5 تعني مذنب كليًا

وهذا هو متوسط الدرجات التي حصل عليها الأشخاص

يمكننا أن نرى أن هناك اختلافا هائلا في اتهام الشخص بالنظر إلى شكله في الصورة

ومرة أخرى نرى صرامة الأحكام التي تُطلق على الآخرين، فإذا كان الشخص في الصورة جميلا، يكون الحكم رحيمًا

( هناك تفصيل تقني صغير: تأثير الهالة يتضح أكثر حين يقيّم رجل مدى كون امرأة مذنبة أو العكس )

إذا كما رأينا هذا هو تأثير الهالة

والأمثله عن الانحيازات المعرفية هناك الكثير.

أتمنى أنكم ترون أن العلم بهذه الأمور يفيدكم

وأيضا، كما ترون فقد درس الباحثون في علم النفس وعلم الاجتماع هذه الانحيازات المعرفية

وهذه فرصة جيدة لأريكم أن هذه المجالات كعلم النفس وعلم الاجتماع، هي بالفعل علوم حقيقية

وأن هناك باحثين أجروا تجارب منهجية جدا واتبعوا طرقا علمية

ونشروا أوراقًا بحثية كذلك، والتي لن أقصّر في مشاركتكم إياها

 شكرا لمتابعتكم لهذا المقطع،

 وكالعادة لا تترددوا في مشاركة البحث على الشبكات الاجتماعية لتساعدوني في نشر المدوّنه ،

 وكذلك متابعة حسابنا في فيسبوك

شكرا، وإلى اللقاء

توجيهات

مسابقات و امتحانات

مشاركه مميّزه

مقدمه